مدونة المؤرخ الناجح: يونيو 2012

السبت، 23 يونيو 2012

اجمل ١٠اماكن في العالم

اجمل ١٠اماكن في العالم
1


2


3


4


5


6


7


8


9


10

ارجو ان تنال اعجابكم

تاريخ القيروان

تاريخ القيروان

يعود تاريخ القيروان إلى عام 50هـ / 670 م، عندما قام بإنشائها عقبة بن نافع. وكان هدفه من هذا البناء أن يستقر بها المسلمون، إذ كان يخشى إن رجع المسلمون عن أهل إفريقية أن يعودوا إلى دينهم. وقد اختير موقعها على أساس حاجات إستراتيجية واضحة. فقد ذكر عقبة بن نافع أصحابه بعد الفتوح في المغرب: "إن أهل هذه البلاد قوم لا خلاق لهم إذا عضهم السيف أسلموا، وإذا رجع المسلمون عنهم عادوا إلى عاداتهم ودينهم ولست أرى نزول المسلمين بين أظهرهم رأيا وقد رأيت أن أبني ها هنا مدينة يسكنها المسلمون فاستصوبوا رأيه". وقد اختار لها موضعا بعيدا عن البصر في وسط البلاد ولئلا تمر عليها مراكب الروم فتهلكها.

لعبت مدينة القيروان دورا رئيسيا في القرون الإسلامية الأولى، فكانت العاصمة السياسية للمغرب الإسلامي ومركز الثقل فيه منذ ابتداء الفتح إلى آخر دولة الأمويين بدمشق . وعندما تأسست الخلافة العباسية ببغداد رأت فيها عاصمة العباسيين خير مساند لها لما أصبح يهدد الدولة الناشئة من خطر الانقسام والتفكك. ومع ظهور عدة دول مناوئة للعاصمة العباسية في المغرب الإسلامي فقد نشأت دولة الأمويين بالأندلس، ونشأت الدولة الرستمية من الخوارج في الجزائر، ونشأت الدولة الإدريسية العلوية في المغرب الأقصى.

وكانت كل دولة من تلك الدول تحمل عداوة لبني العباس خاصة الدولة الإدريسية الشيعية التي تعتبرها بغداد أكبر خطر يهددها. لهذا كله رأى هارون الرشيد أن يتخذ سدا منيعا يحول دون تسرب الخطر الشيعي. ولم ير إلا عاصمة إفريقية قادرة على ذلك، فأعطى لإبراهيم بن الأغلب الاستقلال في النفوذ وتسلسل الإمارة في نسله.

وقامت دولة الأغالبة (184-296هـ / 800 -909م) كوحدة مستقلة ومداف عة عن الخلافة. وقد كانت دولة الأغالبة هذا الدرع المنيع أيام استقرارها، ونجحت في ضم صقلية إلى ملكها عام 264هـ / 878 م، وقام أمراؤها الأوائل بأعمال بنائية ضخمة في القيروان ذاتها ومنها توسيع الجامع في القيروان، وتوسيع الجامع في تونس، كما عمل الأغالبة على الاهتمام بالزراعة والري في المنطقة، وأقاموا الفسقية المشهورة.

وقد استغل الأمراء الأغالبة تلك المكانة واتخذوها سلاحا يهددون به عاصمة بغداد كلما هم خليفة من خلفائها بالتقليل من شأن الأمراء الأغالبة أو انتقاص سيادتهم. وهذا ما فعله زيادة الله بن الأغلب مع الخليفة المأمون العباسي. فقد أراد هذا الأخير إلحاق القيراون بولاية مصر، وطلب من زيادة الله أن يدعو لعبد الله بن طاهر بن الحسين والي المأمون على مصر فأدخل زيادة الله رسول المأمون إليه، وقال له: إن الخليفة يأمرني بالدعاء لعبد خزاعة. هذا لا يكون أبدا ثم مد يده إلى كيس بجنبه فيه ألف دينار ودفعه للرسول. وكان في الكيس دنانير مضروبة باسم الأدارسة في المغرب ؛ ففهم المأمون مقصد الأمير الأغلبي فكف عن محاولته ولم يعد إليها.

وبسبب هذه المكانة فقد عمل على التقرب منها أكبر ملك في أوروبا إذ بعث الإمبراطور شارلمان بسفرائه إلى إبراهيم بن الأغلب فقابلهم في دار الإمارة بالعباسية في أبهة عجيبة بالرغم من الصلات الودية التي كانت بين هذا الإمبراطور والخليفة العباسي هارون الرشيد.

وفي عهد ولاية إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب (261 - 289هـ / 875 -902م) بدأت الفتن تدب بين أمراء الأغالبة. وكان إبراهيم بن أحمد سفاحا لم تسلم منه عامة الناس ولا أقرب الناس إليه وكان غدره بسبعمائة من أهل بلزمة سنة 280هـ / 894 م سببا من أسباب سقوط دولة بني الأغلب. وفي نفس السنة شقت عصا الطاعة في وجه هذا الأمير مدن تونس، وباجة، وقمودة، وغيرها. وعمت الفوضى أرجاء البلاد بينما الخطر العبيدي الشيعي يزداد يوما بعد يوم. ولما أيقن إبراهيم بن أحمد بخطر بني عبيد حاول سنة 289هـ /902 م تغيير سياسته، فرفع المظالم، واستمال الفقهاء، وبذل الأموال للشعب ولكن بدون جدوى. وفي عهد حفيده زيادة الله ازداد خوف بغداد واشتد جزعها من الزحف العبيدي فبعث الخليفة العباسي المكتفي بالله يحث أهل إفريقية على نصرة زيادة الله فلم يكن لذلك صدى في النفوس وبذل زيادة الله الأموال بلا حساب ولكن دون جدوى. فلم يمض على هذا الحادث سوى ثلاث سنوات حتى جاءت معركة الأربس الحاسمة سنة 296هـ / 909 م وفر على إثرها زيادة الله إلى المشرق ومعه وجوه رجاله وفتيانه وعبيده. وباستيلاء العبيديين على القيروان جمعوا كل المغرب تحت سيطرتهم فشجعهم ذلك على متابعة السير نحو المشرق. و‎أمكن لهم فيما بعد أن يستولوا على مصر والشام والحجاز. ولولا الظروف السياسية والوضع الداخلي للفاطميين لاستولوا على بغداد نفسها.

وعندما انتقل بنو عبيد إلى مصر ووصل المعز لدين الله الفاطمي القاهرة عام 362هـ / 973 م اهتموا بالقيروان واتخذوها مركزا لنائبهم في إفريقية، وعهدوا إليه بالسهر على حفظ وحدة المغرب والسيطرة عليه. واستخلف المعز الفاطمي بلكين بن زيري الصنهاجي على إفريقية، وكتب إلى العمال وولاة الأشغال بالسمع والطاعة له فأصبح أميرا على إفريقية والمغرب كله، وقام بلكين وخلفاؤه بقمع الثورات التي حصلت خاصة في المغرب في قبائل زنانة. واستمر المغرب في وحدته الصنهاجية وتبعيته إلى مصر الفاطمية إلى أن انقسم البيت الصنهاجي على نفسه فاستقل حماد الصنهاجي عن القيروان متخذا من القلعة التي بناها قاعدة لإمارته. وكان هذا الانقسام السياسي خير ممهد لظهور دولة المرابطين في المغرب الأقصى. كما كان لهذا الانقسام نتائجه الأليمة فيما بعد عندما أعلن المعز ابن باديس الصنهاجي استقلاله عن الفاطميين، فبعثوا إليه بقبائل الأعراب من الهلاليين فمزق شمل الدولة، وقضى على معالم الحضارة، وخربت القيروان، ولم تعد العاصمة السياسية القوية أو مركزا تشع منه المعارف والعلوم والآداب.
المصدر
انقر على هذا شريط لعرض الصورة الكاملة. الحجم الاصلي للصورة هو 1024x768


أكثر من سبب يجعل زيارة مدينة القيروان العريقة خاصة في المناسبات الدينية ممتعة فالمدينة وأهلها يحتفلون بالأعياد والمناسبات الإسلامية، احتفالاً خاصاً في مكان وثيق الصلة بالتاريخ، ويحوي بين طياته بعض آثار عظمة الحضارة العربية الإسلامية، وكبار رموزها.

وأول ما يلاحظه زائر المدينة في المناسبات الدينية مظاهر الزينة، التي تتخذ من سور المدينة لوحة يتمازج فيها بشكل رائع وجذاب الماضي والحاضر. وسرعان ما يكتشف الزائر أن أهالي القيروان أكثر حبا للمدينة من كل زائريها، فهم سرعان ما ينطلقون في الحديث عن مدينتهم باعتزاز وفخر، يسردون عليك فصولا عظيمة من تاريخ عاصمة الأغالبة كما يسمونها.

ولا ينسى الكثير من أبناء المدينة، التي كانت أول عاصمة للإسلام في شمال إفريقيا، أن يستشهد لك بالشيخ عبد الرحمان خليف، إمام مسجد عقبة بن نافع وعلمه وورعه وفتاواه. ثم تدخل إلى أسواقها فتبهرك الحركة الكبيرة وتواضع الناس وأخلاقهم. وعندما تجالسهم تزداد انبهارا، فهم تونسيون من هذا العصر، ولكن يخيّل إليك أنك في عصر عقبة بن نافع من كثرة ما يخرج من أفواههم من معجم ديني ثري.

وأول ما يطالع المرء وهو يقبل على القيروان مآذن مساجدها العديدة، تطل عليها من جميع الأطراف. وفيها أول بيت ذكر فيه اسم الله في إفريقيا، فكانت قلعة للعلم والإيمان، انطلق منها الفاتحون لنشر الإسلام في ربوع المغرب الإسلامي الكبير، وتخرج فيها أعلام وفقهاء وأدباء وشعراء، بلغ إشعاعهم أقاصي الدنيا، عبر ما نشروه من علوم وفقه وأدب.

وفي هذه المدينة يرقد الكثير من الأعلام والشعراء من إفريقيا والأندلس والجزيرة العربية. فهنا عاش ابن رشيق القيرواني، وابن شرف، والإمام سحنون، والحصري.

وتستمد المدينة عراقتها أيضا من تاريخها، الذي شهد الكثير من الفتوحات، فمن القيروان قاد طارق بن زياد جيوشه لفتح إسبانيا، ومن القيروان انتشر الإسلام والحضارة الإسلامية في أكثر مناطق إفريقيا. أما جامع القيروان الكبير أشهر معالم المدينة فشيد عام 670 هجرية على يد الفاتح عقبة بن نافع، جاعلا من القيروان عاصمة إفريقيا العربية الإسلامية، ومدينة للعلم والفقه والأدب. واكتسب هذا الجامع شهرته كمنارة علم وثقافة، استطاعت أن تستقطب عديد العلماء والمفكرين، الذين جعلوا منها جامعة، بلغ إشعاعها أقصى العالم الإسلامي. وأصبحت إلى جانب جامع الزيتونة في تونس، والقرويين في المغرب، والأزهر في مصر، أحد أهم المنارات في بلاد الإسلام. وشهد الجامع عمليات تجميل وتحصين على امتداد تاريخه، وأصبح بذلك معلما متميزا.

وداخل هذا المعلم رباعي الأضلع تنفتح أمام الزائر العديد من البوابات، أجملها الباب الشرقي المعروف باسم باب “للّة ريحانة”، والباب الغربي وهو مبلط بالمرمر الأبيض، ويتوسطه حوض لتجميع مياه الأمطار، بغرض استعمالها لوضوء المصلين. كما توجد ثلاث ساعات شمسية تساعد على تحديد أوقات الصلاة.

وتفضي أبواب عديدة وواسعة إلى قاعة الصلاة، المقامة على أعمدة من الرخام الوردي والأسود. وتخضع تصاميم المسجد إلى مخطط دقيق، يمثل فيه الرقم 8 القاعدة الأساسية لعملية إعداد القاعة. بينما تدلت من الجناح الرئيسي تشكيلات من الثريات من البلور الصافي والكريستال، تنير المعبر المؤدي إلى المحراب، الذي زين ب162 قطعة خزف مربعة ذات رسوم وأشكال هندسية، وبجانب المحراب يوجد منبر، وهو قطعة فريدة من نوعها، صنعت كليا من خشب السنديان، المجلوب من بلاد ما بين النهرين. ويملأ زائر مسجد عقبة بن نافع إحساس غريب بالطمأنينة والسكينة والهدوء، يستمد فيه نفسا طويلا من عبق التاريخ ومن حرارة الإيمان. وبعيدا عن رائحة التاريخ والحضارة، التي تتأكد من خلال المدينة العتيقة، والأسوار التي رممت بإتقان، ومن خلال العدد الكبير من المساجد والأضرحة وغيرها من المعالم، تتميز القيروان إلى جانب ذلك بأنها مدينة فنون وصناعة تقليدية، حذقها السكان جيدا، وحافظوا على طابعها المميز، بما فيه من طرافة وأصالة. وأول غرائب هذه المدينة “السجاد القيرواني”، الذي طبقت شهرته أرجاء العالم. ويعتبر إلى جانب السجاد الإيراني من أجود أنواع السجاد وأكثرها التصاقا بالفن والنقش الإسلامي. وتنتشر محلات “السجاد” في مختلف أرجاء القيروان، التي يقبل التجار التونسيون من جهات عديدة على سجاجيدها المرصعة بكل الألوان. ومما اشتهرت به المدينة أيضا نوع من الحلويات، لا يفهم سرّ نكهته وحلاوته المميزة إلا أهالي القيروان. هذا النوع من الحلويات هو “المقروض”، ويكثر تداوله في رمضان. وليس لأي زائر للمدينة أن يصرف نظرا عن المقروض، وإلا بقي في نفسه شيء من حرما
المصدر

و قال الحصري يبكي القيروان بعد تخريبها على يد الهلاليين
أترى اللّيالي بعدما صَنَعَتْ بِنا **** تَقْضِي لـنا بتواصلٍ وتدَانِ؟

وتعيدُ أرض َ القيروانِ كعَهدهِا **** فيما مضى منْ سالفِ الأزمانِ

أمْسَتْ وقد لَعِبَ الزّمانُ بأهلِها **** وتقطعْت ﺒهم عُرى الأقرانِ

القيروان مركز الحضارة الإسلامية بالمغرب



القيروان مركز الحضارة الإسلامية بالمغرب



لم تبدأ الحياة العلمية المركَّزة إلا بعد تأسيس القيروان سنة 50هـ، فسرعان ما أصبحت القيروان مركز الحضارة الإسلامية بالمغرب وعاصمته العلمية، منها انطلق الدعاة وإليها رحل طلاب العلم من الآفاق. ولا شك أن الصحابة الذين كانوا في جيش عقبة قد جلسوا للتدريس فيه على النمط الموجود في مدن المشرق آنذاك، فقد كان مع عقبة أثناء تأسيس القيروان ثمانية عشر صحابيًّا، وقد مكثوا فيها خمس سنوات كاملة كان عملهم فيها - ولا شك - نشر اللغة العربية، وتعليم القرآن والسنة في جامع القيروان، وذلك أثناء بناء مدينة القيروان، حيث لم تكن هناك غزوات كبيرة تتطلب غيابًا طويلاً عن القيروان، أمّا في غزوة عقبة الثانية فقد كان معه خمسة وعشرون صحابيًّا، وسائر جيشه من التابعين.
ولقد استقطبت القيروان أعدادًا هائلة من البربر المسلمين الذين جاءوا لتعلم الدين الجديد، قال ابن خلدون عند حديثه عن عقبة: "فدخل إفريقية وانضاف إليه مسلمة البربر، فكبُرَ جمعُه، ودخل أكثر البربر في الإسلام ورسخ الدين، ولا شك أن الفاتحين قد خصصوا لهم من يقوم بهذه المهمة".
ومن القيروان انتشر الإسلام في سائر بلاد المغرب، فقد بنى عقبة بالمغربين الأقصى والأوسط عدة مساجد لنشر الإسلام بين البربر، كما ترك صاحبه شاكرًا في بعض مدن المغرب الأوسط لتعليم البربر الإسلام، ولما جاء أبو المهاجر دينار لولاية إفريقية تألَّف كُسيلة وقومه وأحسن إلى البربر، فدخلوا في دين الله أفواجًا ودعّم حسان بن النعمان - فيما بعد - جهود عقبة في نشر الإسلام بين البربر حيث خصّص ثلاثة عشر فقيهًا من التابعين لتعليم البربر العربية والفقه ومبادئ الإسلام، وواصل موسى بن نُصير هذه المهمة حيث: أمر العرب أن يعلّموا البربر القرآن، وأن يفقّهوهم في الدِّين، وترك في المغرب الأقصى سبعة وعشرين فقيهًا لتعليم أهله.



تاريخ الإسلام في المغرب


تاريخ الإسلام في المغرب


المقصود بالمغرب هي المناطق التي تمتد من الحدود الغربية لمصر، وحتى شواطئ المحيط الأطلسي، سكنها
وسيطر عليها البيزنطيون، وقد احتل الرومان المغرب، ثم جاء الإسلام وتم الفتح في عصر عمر بن الخطاب ومَنْ بعده، وكان لفتنة عثمان بن عفان أثر في مواصلة الفتح، فبعد فتح مصر وليبيا، تم إنشاء مدن منها مدينة تونس ودار صناعة السفن بها، ومدينة القيروان، ثم ظهر عصر الولاة عصر التقلبات السياسية، ثم ظهرت الدول المحلية كالأغالبة والأدارسة والعُبيديين، وقد انتشر المذهب المالكي في المغرب الإسلامي.
ولم يستقر أمر ولاة إفريقية في عصر بني أمية فسيطر الخوارج الصفرية على المغرب الأقصى، وظهرت الإباضية في المغرب الأدنى والأوسط، وشهد العصر العباسي تقلص سلطة الخلافة على الولايات؛ وظهرت الفتنة الكبرى، فاستقلت الولايات الإفريقية وصارت دولاً مستقلة؛ مثل: دولة بني مدرار في سجلماسة، والدولة الرستمية في تاهرت، ودولة الأدارسة بالمغرب الأقصى، ودولة الأغالبة في تونس.
وظهر المرابطون في صحراء موريتانيا، وكان من مبادئهم إبقاء عقيدة الأمة نقية، وتوحيد المغرب، وحماية الأمة من المفسدين، وحفظ الشريعة، وإعداد الأمة إعدادًا جهاديًّا، وكان من حكامها يوسف بن تاشفين فاستنجد به أمراء الطوائف بالأندلس، فمنحهم الله النصر في موقعة الزَّلاَّقة، وبعد سنوات ضَمَّ الأندلس إليه للحفاظ على المسلمين هناك.
وبعد عهد يوسف بن تاشفين ضعف المرابطون، لانغماسهم في الملذات، وانحراف نظام الحكم عن نظام الشورى إلى الوراثي، والتعصب المذهبي، وحلول الجفاف بالأندلس والمغرب، وانتشار الأوبئة، وظهور الموحدين على يد محمد بن تومرت.
وعندما تولَّى أبو يوسف يعقوب الموحدي كان عهده العصر الذهبي لدولة الموحدين، ثم بدأ عصر الضعف من جرَّاء ظلمهم وسفكهم للدماء، وثورات الأعراب والأندلسيين عليهم، والنزاع على الخلافة بينهم، والانهيار العسكري، والانغماس في الشهوات، وتقلُّص الدولة في إفريقية والمغرب والأندلس، فقامت دولة الحفصيين في تونس، ودولة بني عبد الواد في تلمسان، وحُكْم بني مرين في المغرب الأقصى، واحتل البرتغاليون شواطئ المغرب، فظهر السعديون بقيادة القائم بأمر الله، فأنهى حكم بني وطاس، وانتصر على البرتغاليين، وكان العثمانيون يدعمون السعديين، فأوقعوا بينهما، فضم العثمانيون المغرب الأقصى إليهم، وازداد النفوذ اليهودي في الدولة العثمانية، ومع ضعف الدولة العثمانية برزت الأسرة القرمانية في ليبيا.
وكان الاحتلال البرتغالي لتعقب المسلمين وتطويق العالم الإسلامي واستعانوا في ذلك بالحبشة فظهرت الكشوف الجغرافية وتلاها الاستعمار الأوربي للقارة، فظهرت المقاومة الإسلامية في مواجهة الاحتلال حتى نالت استقلالها؛ كما في ليبيا بقيادة الشيخ أحمد السنوسي ومعه الشيخ عمر المختار، والجزائر بقيادة محيي الدين الحسني، والمغرب بقيادة الشيخ الهبة ابن الشيخ ماء العينيين، وغيرهم.

شمال إفريقيا والبربر
يرادف لفظ أو مصطلح "المغرب" اصطلاح "شمال إفريقيا"، والذي استعمله الجغرافيون والمؤرِّخون عند الحديث عن المناطق التي تمتد من الحدود الغربية لمصر، وحتى شواطئ المحيط الأطلسي.
وكانت بلاد المغرب الأدنى تضم برقة، وطرابلس وتمتد غربًا حتى بجاية أو تاهرت، وقاعدتها مدينة القيروان. أما بلاد المغرب الأوسط فتضم المنطقة الممتدة من تاهرت وحتى وادي ملوية وجبال تازة غربًا، وقاعدتها تلمسان وجزائر بني مزغنة. وأما المغرب الأقصى فيمتد من وادي ملوية وحتى مدينة أسفى على المحيط الأطلسي وجبال درن جنوبًا.
وكان المغرب موطنًا لصنفين من البشر، هما:
1- البربر: وهم أهل الإقليم.
2- البيزنطيون: وهم المحتلون للإقليم، وكان تركزهم في المناطق الساحلية أكثر من وجودهم داخل البلاد.
يجب أن نتعرَّف بدايةً على صفات الشخصية البربرية؛ لكي نستطيع تفسير ما جرى في أحداث الفتح من مقاومة شديدة من قِبَل البربر للإسلام، ثم اندفاعة البربر بعد إسلامهم نحو الفتوح بكل قوة.
فالبربر يصفهم ابن خلدون بأنهم مرهوبو الجانب، شديدو البأس، تخلقوا بالفضائل الإنسانية من خلق وعز وكرم.
ومفتاح شخصية هذا البربري هو تمسكه بحريته، يدافع عنها بإصرار، وتاريخه يُنبئ عن هذا، ومقاومته ضد الرومان والبيزنطيين نجحت أحيانًا في بعض المناطق، فتأسست على أساسها دويلات بربرية مستقلة، ولم يُثنِ البربر عن ثورتهم طوال فترة الثورة التضحياتُ بالروح والمال.



تاريخ المغرب قبل الإسلام وبعده


تشتمل قصة المغرب على عدة عصور؛ إذ كانت محتلة من قِبَل الرومان قبل الفتح الإسلامي، أما بعد ذلك فكان هناك عصر الفتح الإسلامي، والذي امتد من سنة 21هـ إلى سنة 98هـ، بينما بدأ عصر الولاة من 98هـ إلى ما بين 144- 184هـ حسب اختلاف الولايات، ثم عصر الدول المحلية كالأغالبة، والأدارسة، والعُبيديين (الذين انتسبوا زورًا للسيدة فاطمة رضي الله عنها، وسموا أنفسهم الفاطميين)، ثم دولة المرابطين، فالموحدين، والدولة الحفصية، والرُّستمية، والمرينية وغيرها، حتى وقعت الدول المغربية تحت الاحتلال الأجنبي في القرن التاسع عشر.
يُعتَبر عصر الفتح عصر جهاد دائم ومستمر، واجه فيه المسلمون انتفاضات البربر المستمرة بزعامة الكاهنة، كما واجهوا الروم، وانتصروا عليهم، حتى استقر الأمر للمسلمين، وقد تمَّ فتح المغرب - منذ بدايته حتى استقرار الإسلام به - خلال فترة حُكم عدد من الخلفاء، هم:
1 ـ عمر بن الخطاب.
2 ـ عثمان بن عفان.
3 ـ علي بن أبي طالب.
4 ـ معاوية بن أبي سفيان.
5 ـ عبد الملك بن مروان.
6 ـ الوليد بن عبد الملك.

وكان القادة الكبار الذين تولوا تبعاته، هم:
أولاً: قادة فتح ليبيا:
1 ـ عمرو بن العاص.
2 ـ عبد الله بن سعد بن أبي السرح.
3 ـ معاوية بن حديج.
4 ـ بسر بن أبي أرطاة العامري.
5 ـ عبد الله بن الزبير بن العوام.
ثانيًا: قادة فتح تونس:
1 ـ عبد الملك بن مروان.
2 ـ رويفع بن ثابت الأنصاري.
ثالثًا: قادة فتح الجزائر: 
1 ـ أبو المهاجر دينار.
2 ـ عقبة بن نافع الفهري.
3 ـ زهير بن قيس البلوي.
4 ـ حسان بن النعمان الغساني.
رابعًا: قادة فتح المغرب: 
1 ـ عقبة بن نافع الفهري.
2 ـ حسان بن النعمان الغساني.
3 ـ موسى بن نصير اللخمي.

وكان عصر الولاة عصر تقلبات سياسية، وانتفاضات بربرية، ثم أتى عصر الدول المحلية التي انفصلت عن الخلافة العباسية، وكان منها دول شيعية، وأخرى خارجية، وثالثة سُنية.

تطلع أهل ليبيا للخلاص الإسلامي

نبدأ قصة المغرب من عصر الفتوح؛ إذ سبق الفتح الإسلامي للمغرب إرهاصات وأحداث وقضايا سياسية، ونزاعات عرقية وثورات محلية في مدينتي برقة وطرابلس، كان لها أثر بالغ في تغيير مجريات الأحداث السياسية والدينية في المنطقة، وتهيئة نفوس أهالي ليبيا لقبول الإسلام؛ حيث إنهم كانت قد بلغتهم أخبار فتح المسلمين لبلاد الشام ومصر، فتطلعوا إلى الخلاص على أيدي المسلمين من أولئك البيزنطيين وحكمهم الجائر التعسفي.
لذلك حاول نفر من أهالي ليبيا التمرد على نظام الإمبراطورية البيزنطية والخروج إلى ناحية مصر، حتى يلتقوا بقائد الجيوش المسلمة عمرو بن العاص رضي الله عنه، وكان يومئذٍ حاكم مصر، وما أن وصل هؤلاء النفر حتى أعلنوا إسلامهم ودخلوا في دين الله سبحانه، وأعطوا ولاءهم لقيادة المسلمين بقيادة عمرو بن العاص، نيابة عن خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ولما كان الحال في المغرب كذلك، فقد قرَّر عمرو بن العاص رضي الله عنه أن يضع إستراتيجية أمنية وقائية لمصر من الناحية الغربية؛ حتى يأمن شرَّ الروم القاطنين ناحية برقة وطرابلس، بعد أن أمن فتوحاته الشامية، وذلك بفتحه الإسكندرية.
كما قرَّر عمرو بن العاص رضي الله عنه إرسال عقبة بن نافع الفهري رضي الله عنه في سنة 22 هـ/ 642م - على الأرجح بعد استئذان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه - كمقدمة استطلاعية لفتح المغرب، فافتتح عقبة زويلة صلحًا.
وفي نفس العام سار عمرو بن العاص بنفسه من مصر حتى بلغ برقة، وكانت تنزلها بعض بطون من قبائل لتوانة وزواغة، وكانت هذه القبائل ساخطة على البيزنطيين لما كانوا عليه من الظلم والعسف وجباية الضرائب منهم، فصالحوا المسلمين على الجزية، وكان أهلها يرسلون ما عليهم من الأموال إلى والي مصر من غير أن يأتيهم حاث أو مستحث.
وفي نفس السنة (22 هـ/ 642م) وصل عمرو بن العاص إلى مدينة أجدابية فافتتحها صلحًا على أن يدفع أهلها خمسة آلاف دينار، ولكن ما لبثوا على دفع الجزية إلا قليلاً، حتى أسلم معظم أهلها بعد أن رأوا من الفاتحين من العدالة والمساواة والصدق والأمانة والطهارة والعفة ما لم يروه من قبل في جيوش تلك الإمبراطوريات الهالكة.

بعد وفاة عمر رضي الله عنه تولى عثمان رضي الله عنه، وكان من أهم أعماله أنه عمل على توطيد نفوذ المسلمين في كثير من البلاد التي تمَّ فتحها من قبل، كما نجح ولاته في ضم مناطق جديدة إلى حوزة الدولة الإسلامية.
وحين تولى عثمان بن عفان رضي الله عنه خلافة المسلمين عزل عمرو بن العاص عن ولاية مصر سنة (26 هـ/ 646م) وعقدها لعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وطلب عبد الله بن سعد بن أبي سرح الإذن من عثمان رضي الله عنه لاستكمال الفتوح في إفريقيا.

الفتنة تؤخر الفتوح الإفريقية

كان لا بد أن تؤثر فتنة عثمان رضي الله عنه وما تلاها من أحداث في نشاط الفتوح الإسلامية؛ إذ لم يكن من الميسور للقادة والجند أن يستمروا فيما كانوا آخذين فيه من فتوح بعد أن شبت نيران هذه الفتنة، ولا شك أن الأمداد قد انقطعت عنهم، وتوقعوا أن تحول حروب الداخل دون إرسال الجند إلى الأطراف فتركوا ما بأيديهم، ولبث بعضهم حيث هو ينتظر نتيجة الصراع المحتدم، وعاد البعض الآخر إلى الحجاز والشام ليسهم في هذه الأحداث. لقد شغل المسلمون عن إفريقية والفتوح عامة بسبب فتنة عثمان رضي الله عنه ، ثم الحرب بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، ولم يتجدد نشاط الفتوح مرة أخرى إلا بعد استقرار الأمر لمعاوية سنة 41 هـ/ 661م.
نشطت حركة الفتوح خلال عصر الدولة الأموية، وبدأ المسلمون يمارسون دورهم الحضاري في النهضة بأمر البربر، مع ترسيخ الوجود الإسلامي في المغرب، وقد كان من مظاهر ذلك:
1- إنشاء المدن والعناية بها:
بناء تونس:
اختط هذه المدينة القائد حسان بن النعمان الغساني عام 82هـ؛ لتكون قاعدة عسكرية بحرية، ولتحول دون تكرار البيزنطيين الهجوم على قرطاجة عام 78هـ. بنى حسان بن النعمان مدينة تونس على أنقاض قرية قديمة عرفت باسم ترشيش القديمة، وإنما سميت تونس في أيام الإسلام لوجود صومعة الراهب، وكانت سرايا المسلمين تنزل بإزاء صومعته، وتأنس لصوت الراهب، فيقولون: هذه الصومعة تؤنس؛ فلزمها هذا الاسم فسميت باسم تونس. واختط حسان تونس غربي البحر المتوسط بنحو عشرة أميال، فقام بحفر قناة تصل المدينة بالبحر لتكون ميناء بحريًّا ومركزًا للأسطول الإسلامي بعد أن أنشأ فيها صناعة المراكب، بخبراء في هذه الصناعة زوده بها والي مصر عبد العزيز بن مروان بناءً على توجيه الخليفة عبد الملك. وقد بنيت مدينة تونس طبقًا لأهداف سياسية إستراتيجية، وأهداف اقتصادية اجتماعية تبناها الخليفة عبد الملك.
أمّا الأهداف السياسية البعيدة المدى، فيتضح ذلك بوضع حد لاعتداءات الروم والمتمثلة بإغارتهم على الساحل الإفريقي، والسبيل الأمثل هو إيجاد قاعدة بحرية، وصناعة بحرية قادرة على إنشاء أسطوله مهمته صد العدوان الرومي بادئ الأمر، ثم الانتقال من مرحلة التصدي إلى الغزو والفتح فيما بعد، وقد تمثل تطبيق هذه المرحلة من قبل الخليفة عبد الملك فقام بالإيعاز لشقيقه والي مصر عبد العزيز بن مروان، لإرسال ألفي قبطي من مهرة الصناع لإقامة صناعة مراكب بحرية، وقام هؤلاء بالمهمة الموكلة إليهم خير قيام.
وأما الهدف الثاني: فيتمثل بإيجاد حياة اجتماعية بإيجاد المؤسسات القادرة على خدمة الأفراد، فأقام في المدينة المسجد الجامع، ودار الإمارة، وثكنات للجند للمرابطة، وأخذ يقوم بتدوين الدواوين، وتنظيم الخراج والعناية بالدعوة الإسلامية بين البربر، فقام بإرسال الفقهاء ليعلموهم اللغة العربية والدين الإسلامي، وصارت المدينة معسكرًا حربيًّا في البداية، ومركز استيطان وإدارة لدعم الفتوحات، وأخيرًا مركزًا حضاريًّا ومركز إشعاع فكري وعلمي وثقافي.
وهكذا رسخ الخليفة عبد الملك بن مروان أقدام الدولة الأموية بتأسيس مدينة تونس، وقطع دابر الغارات اليبزنطية بإيجاد مدينة إسلامية مرتبطة بالأهداف العليا للدولة.





القيروان مركز الحضارة الإسلامية بالمغرب

لم تبدأ الحياة العلمية المركَّزة إلا بعد تأسيس القيروان سنة 50هـ، فسرعان ما أصبحت القيروان مركز الحضارة الإسلامية بالمغرب وعاصمته العلمية، منها انطلق الدعاة وإليها رحل طلاب العلم من الآفاق. ولا شك أن الصحابة الذين كانوا في جيش عقبة قد جلسوا للتدريس فيه على النمط الموجود في مدن المشرق آنذاك، فقد كان مع عقبة أثناء تأسيس القيروان ثمانية عشر صحابيًّا، وقد مكثوا فيها خمس سنوات كاملة كان عملهم فيها - ولا شك - نشر اللغة العربية، وتعليم القرآن والسنة في جامع القيروان، وذلك أثناء بناء مدينة القيروان، حيث لم تكن هناك غزوات كبيرة تتطلب غيابًا طويلاً عن القيروان، أمّا في غزوة عقبة الثانية فقد كان معه خمسة وعشرون صحابيًّا، وسائر جيشه من التابعين.
ولقد استقطبت القيروان أعدادًا هائلة من البربر المسلمين الذين جاءوا لتعلم الدين الجديد، قال ابن خلدون عند حديثه عن عقبة: "فدخل إفريقية وانضاف إليه مسلمة البربر، فكبُرَ جمعُه، ودخل أكثر البربر في الإسلام ورسخ الدين، ولا شك أن الفاتحين قد خصصوا لهم من يقوم بهذه المهمة".
ومن القيروان انتشر الإسلام في سائر بلاد المغرب، فقد بنى عقبة بالمغربين الأقصى والأوسط عدة مساجد لنشر الإسلام بين البربر، كما ترك صاحبه شاكرًا في بعض مدن المغرب الأوسط لتعليم البربر الإسلام، ولما جاء أبو المهاجر دينار لولاية إفريقية تألَّف كُسيلة وقومه وأحسن إلى البربر، فدخلوا في دين الله أفواجًا ودعّم حسان بن النعمان - فيما بعد - جهود عقبة في نشر الإسلام بين البربر حيث خصّص ثلاثة عشر فقيهًا من التابعين لتعليم البربر العربية والفقه ومبادئ الإسلام، وواصل موسى بن نُصير هذه المهمة حيث: أمر العرب أن يعلّموا البربر القرآن، وأن يفقّهوهم في الدِّين، وترك في المغرب الأقصى سبعة وعشرين فقيهًا لتعليم أهله.






2ـ إنشاء دار صناعة السفن بتونس:
عزَّزت الدولة الأموية القوة العسكرية بإنشاء سلاح البحرية، وأقامت دارًا لصناعة السفن في تونس، وزودت هذه الدار بما يلزمها من المواد والصناع
3- التوسع في الصناعات الحربية:
توسعت هذه الصناعة في عهد عبد الملك بن مروان وفتح دارًا بتونس لصناعة السفن الحربية، وكانت نواة تلك الدار ألف عامل متخصص في صناعة السفن تم نقلهم من دار الصناعة - المنطقة الصناعية - بمصر، وقد تم وضع التنظيم اللازم وطريقة إمداد تلك الدار بالأخشاب من الغابات الإفريقية الداخلية، واختيار جماعات من البربر من سكان تلك المناطق للقيام بتلك المهمة، حيث هم أخبر الناس بمناطق وجود الأخشاب الجيدة الملائمة لتلك الصناعة.وفي إرسال دار الصناعة بمصر لألف عامل ليكونوا نواة التصنيع بتونس، ما يدل على مدى تطور تلك الصناعة بمصر وكبر حجمها. وفي تطور لاحق لصناعة السفن الحربية بتونس، قام والي تونس بتوسيع دار الصناعة بها؛ فشق قناة بين الميناء وبين المدينة بطول اثني عشر ميلاً، وشكلت هذه القناة ما يماثل اليوم أحواض بناء السفن أو الأحواض الجافة، وأصبحت مناطق دور صناعة السفن الحربية مناطق جذب سكاني.



عصر الولاة 
عرف المغرب بداية عصر الولاة بدءًا من عام 98هـ، والذي كان عصر قلاقل واضطرابات، وقد بدأت تلك الاضطرابات بعدما اختار سليمان بن عبد الملك يزيد بن أبي مسلم واليًا على إفريقية، وكان شديدًا كالحجّاج، وأراد أن يسير فيهم سيرة الحجّاج في أهل العراق؛ فكانت النتيجة أن قتلوه، ومن بعدها لم يستقر أمر ولاة إفريقية في عصر بني أمية، وشهد المغرب الفتنة المغربية الكبرى التي تضخمت في العصر العباسي، حتى وصلت إلى استقلال الولايات الإفريقية، وإقامة دول مستقلة فيها.
لقد سيطر الخوارج على المغرب في أواخر عهد الدولة الأموية، وسار إليهم محمد بن الأشعث فدخل إفريقية وفيها عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري يقاتل الخوارج.
فقد برزت الخوارج الصفرية في المغرب الأقصى وسيطرت عليه، وظهرت الإباضية في المغرب الأدنى والأوسط، وأخضعت أجزاءً واسعة لنفوذها، وكان عبد الرحمن بن حبيب يقاتل الخوارج عندما قامت الدولة العباسية.
وفي عام 155هـ جاء يزيد بن أبي حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة واليًا على إفريقية فانتصر على الخوارج الإباضية والصفرية، واستطاع أن يفرض نفوذ العباسيين في المغرب قبل نهاية حكم المنصور، وبقي يزيد بن حاتم في المغرب حتى عام 170هـ.
ثم سادت الاضطرابات في إفريقية اعتبارًا من عام 171 هـ/ 787م بفعل خروج الخوارج وقادة الجند والبربر؛ فأرسل الرشيد هرثمة بن أعين واليًا على إفريقية، وأمره بقمع الانتفاضات وتوطيد الأمن، فنجح في مهمته ودخل القيروان وأمَّن الناس.
ويبدو أن الخلافات بين الفئات الإسلامية المتعددة كانت واسعة فتجددت القلاقل، ولم يتمكن هرثمة من رأب الصدع، فعزله الخليفة بناءً على طلبه في عام 180 هـ/ 796م، كما لم يتمكن الولاة الذين جاءوا من بعده من السيطرة على الموقف، فاستغل إبراهيم بن الأغلب عامل إقليم الزاب (في الجزائر اليوم) هذه الأوضاع القلقة، وطلب من الخليفة توليته على إفريقية ووعده بتهدئة الوضع، استجاب الخليفة لطلبه، وعهد إليه بالولاية على إفريقية في عام 184 هـ/ 800 م، ونجح إبراهيم في تحقيق الاستقرار متبعًا في ذلك سياسة معتدلة، وازدهرت إفريقية في عهده وشهدت حركة عمرانية واسعة ونشاطًا اقتصاديًّا كبيرًا، وقد مهَّد إبراهيم بهذا لقيام دولة الأغالبة التي ما لبثت أن استقلت عن الإدارة المركزية في بغداد، واتخذت القيروان حاضرة لها.
لقد شهد العصر العباسي تقلص سلطة الخلافة عن الولايات؛ مما مهَّد السبيل لكل ناقم على الدولة، أو مخالف لها لأن يقيم دولته الوراثية الخاصة في أطراف الخلافة، وقد كان من هؤلاء إبرهيم بن الأغلب الذي أقام دولة الأغالبة، ولكن بموافقة الخلافة العباسية. وهذه نماذج لبعض الدول المحلية:
دولة بني مدرار في سجلماسة (140 ـ 349هـ/ 757 ـ 960م):

توفي أبو القاسم سمكو مؤسس دولة الخوارج الصفرية في سجلماسة (جنوب المغرب) عام 168هـ، وخلفه ابنه إلياس بن أبي القاسم والذي عرف باسم "أبو الوزير"، واستمرت أيامه حتى عام 174هـ، وخلفه أخوه اليسع بن أبي القاسم، وبقي في حكم هذه الدولة حتى عام 208هـ، وقد عرف باسم "أبو المنصور"، وقد ثارت الإباضية في أيامه في وادي درعة، ولكنه قضى على ثورتهم وبطش بهم.
وكما هادن الإباضيون ولاة العباسيين في القيروان، كذلك هادنهم الصفرية الذين اتجهوا نحو أوضاعهم الداخلية والاقتصادية حيث كانوا تجارًا بين الشمال والجنوب عبر الصحراء، وكذلك فقد جعلوا الحكم وراثيًّا كالإباضيين.
كانت الصفرية والإباضية من أكثر المذاهب الخارجية المنتشرة بالمغرب، وإنهما من أكثر مذاهب الخوارج تسامحًا واعتدالاً مع مخالفيهم في الرأي، إذا ما قورنوا بفرق الأزارقة والحرورية في المشرق؛ لأن الصفرية والإباضية لم ترضيا إباحة دماء المسلمين، أو جواز سبي النساء والذرية، ولا يريان قتال أحد من الناس سوى جيش السلطان، فلم يكفروا القاعدين عن القتال، ولم يُسقطوا الرجم، ولم يحكموا بقتل أطفال المشركين وتكفيرهم وتخليدهم في النار، ومرتكب الكبيرة عندهم عاصٍ وليس كافرًا مشركًا.
الدولة الرستمية في تاهرت (144 ـ 296 هـ / 761 ـ 908 م):

قامت دولة للخوارج الإباضية في تاهرت (غرب الجزائر) إذ أسسوا هذه المدينة عام 161هـ، وأصبح عبد الرحمن بن رستم إمامًا لهذه الدولة، وقد هادن ولاة القيروان. وبعد وفاته عام 171هـ، خلفه ابنه عبد الوهاب واستمر حكمه إلى ما بعد هارون الرشيد، وقد هادن ولاة إفريقية من قبل العباسيين، وقد لقي عبد الوهاب حركات ضده بسبب مخالفته للمذهب الإباضي الذي لا يقبل بالحكم الوراثي، وإنما يكون الرأي في اختيار الحاكم لأهل الحل والعقد، أما عبد الوهاب فقد تسلم الحكم من أبيه رغم وجود من هو أفضل منه وأكثر علمًا؛ لذا فقد قامت حركة قادها يزيد بن فندين وعرفت بالنُكّار، أي الذين ينكرون تصرف ولي الأمر بالحكم.
وعقيدة الإباضية تتفق مع أهل السنة في الكثير، وتختلف في القليل، فهم يعترفون بالقرآن والحديث كمصدر للعلوم الدينية، ويقولون بالرأي، ويأخذون بالإجماع.
ولعل أهم خلاف بينهم وبين السنة قولهم بالتنزيه المطلق؛ ولذلك فإنهم يقولون: إن رؤية الله منفية في الدنيا والآخرة. ويقولون أيضًا: إن الوعد والوعيد لا يتخلفان، بمعنى أن وعيد الله لا يتخلف، فمن دخل النار فهو خالد فيها، والمذنب تطهره التوبة، ولا يدخل السعيد النار.

الأربعاء، 20 يونيو 2012

تعريف و تاريخ كأس امم اوروبا منذ بدايتها



تعود فكرة انطلاق بطولة الامم الاوروبية الى الفرنسي هنري دولوني الذي تحدث عن فكرته للمرة الاولى بالتحديد في 5 شباط عام 1927، لكن فكرته لم تلق قبولا خصوصاً ان اسرة كرة القدم كانت منشغلة بوضع اللمسات الاخيرة على انطلاق كأس العالم الاولى في الاوروغواي عام 1930.
وانتظرت فكرة دولوني ردحاً طويلاً من الزمن الى ان تأسس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم في الخمسينات. وشاء القدر ان يموت دولوني عام 1955 قبل ان تبصر فكرته النور، بيد ان نجله بيار الذي خلفه اميناً عاماً للاتحاد الفرنسي لكرة القدم حمل المشعل ونجح في اقناع اللجنة التنفيذية للاتحاد الاوروبي في اجتماعها في مدينة كولن الالمانية عام 1957 في تبني هذه البطولة.
وكانت الكؤوس الاوروبية الثلاث قد انطلقت عام 1956 وتابع مبارياتها جمهور غفير تخطى احيانا الـ70 الف متفرج في لشبونة ومدريد وبلغراد وميلانو، فساهم هذا الامر بدرجة كبيرة في تشجيع المسؤولين في الاتحادات الاوروبية الى اطلاق بطولة للمنتخبات.
وعرض رئيس الاتحاد الاوروبي الدنماركي ايبي شفارتس خطوات ملموسة لتحديد انطلاق البطولة الاولى، فلقي تشجيعا خصوصا من اتحادات اسبانيا والمجر واليونان، التي اقترحت ان تكون البطولة بنظام خروج المغلوب اعتبارا من خريف عام 1958.
ولم تعجب الفكرة الاتحادات البريطانية التي اعتبرت انها تشكل خطرا على بطولة بريطانيا التاريخية، كما عارضها الاتحاد الالماني.
وازاء هذا الوضع ارتأى الاتحاد الاوروبي درس الامر في مؤتمر دعا اليه في 28 حزيران عام 1957 في كوبنهاغن. وقد شارك في المؤتمر ممثلون عن 26 اتحادا منضويا الى الاتحاد الاوروبي من اصل 29، في حين غاب ممثلو ويلز والبانيا وايسلندا.

وتقدمت لجنة منتدبة من الاتحاد الاوروبي مؤلفة من الفرنسي بيار دولوني والمجري غوستاف شيبيش والاسباني اوغوستين بوجول باقتراح يقضي بنظام خروج المغلوب من مباراة واحدة وليس بنظام الذهاب والاياب، فصوت 14 اتحادا في مصلحة هذا الاقتراح وهي تشيكوسلوفاكيا وفرنسا والدنمارك والمانيا الشرقية واليونان والمجر ولوكسمبورغ وبولندا والبرتغال رومانيا والاتحاد السوفياتي واسبانيا وتركيا ويوغوسلافيا، وعارضته سبعة اتحادات هي بلجيكا وفنلندا وهولندا وايطاليا والنروج وسويسرا والمانيا الغربية، في حين امتنعت اتحادات انكلترا وايرلندا الشمالية واسكتلندا وجمهورية ايرلندا والسويد عن التصويت.
وبعد ان حصل على اكثرية الاصوات قرر الاتحاد الاوروبي اقامة البطولة مرة كل اربع سنوات على ان تنطلق بين عامي 1958 و1960.
انطلاق البطولة سنة 1958
وتم فعليا اطلاق بطولة اوروبا في 6 اب عام 1958 عندما قام الاتحاد الاوروبي بسحب قرعة الادوار الاولى واطلق اسم هنري دولوني على الكأس، لكنه عاد وقرر العمل بنظام خروج المغلوب من مباراتين ذهابا وايابا. واتفق على اقامة الدورين نصف النهائي والنهائي بطريقة التجمع واختيرت فرنسا لتكون الدولة المضيفة للبطولة الاولى.
بلغت منتخبات يوغوسلافيا وفرنسا والاتحاد السوفياتي وتشيكوسلوفاكيا الدور نصف النهائي.
وتغلبت يوغوسلافيا على فرنسا 5-4 في مباراة مثيرة تقدم فيها المنتخب الاخير 3-1 قبل ان يقلب الاول النتيجة في مصلحته عندما سجل اربعة اهداف في مدى 24 دقيقة في الشوط الثاني ويصعد الى النهائي.
وفي مباراة ثانية تفوق الاتحاد السوفياتي على تشيكوسلوفاكيا بهدفين نظيفين لتبلغ النهائي ايضا.
واقيمت المباراة النهائية على ملعب “بارك دي برانس” في باريس في 10 تموز امام 17966 متفرجا، واحتاج الاتحاد السوفياتي بقيادة حارسه الشهير ليف ياشين الى وقت اضافي لتخطي عقبة يوغوسلافيا 2-1. سجل للفائز متريفيلي (49) وبونيدلنيك (113)، بعد ان تقدم غاليك ليوغوسلافيا (41).
125 الف متفرج لحضور النهائي الثاني في اسبانيا
اقيمت الادوار النهائية للبطولة الثانية في اسبانيا، ونجحت الدولة المضيفة في تخطي المجر 2-1 في نصف النهائي، لتلتقي الاتحاد السوفياتي حامل اللقب في النهائي بعد فوز الاخير الكبير على الدنمارك 3-0.
احتشد نحو 125 الف متفرج للمباراة النهائية على ملعب سانتياغو برنابيو في 21 حزيران، ونجحت اسبانيا في انتزاع لقبها الدولي الاول بفوز صعب على الاتحاد السوفياتي 2-1. سجل للفائز بيريدا (6) ومارسيلينو (83)، وللخاسر خوساينوف (8).
ايطاليا تستضيف النسخة الثالثة
منح الاتحاد الاوروبي ايطاليا شرف احتضان الادوار النهائية، وبلغت يوغوسلافيا مباراة القمة بفوز صعب على انكلترا بهدف سجله دزايتش (85). وفي المباراة الثانية فرض التعادل السلبي نفسه بين ايطاليا والاتحاد السوفياتي في الوقتين الاصلي والاضافي فلجأ الحكم الى القرعة فابتسمت الى ايطاليا فبلغت المباراة النهائية.
والتقى المنتخبان الايطالي واليوغوسلافي على ملعب روما الاولمبي امام 85 الف متفرج في 8 حزيران، وانتهت المباراة بالتعادل 1-1 بعد التمديد، فاعيدت المباراة بعد يومين على الملعب ذاته وامام 50 الف متفرج، وفيها تغلب المنتخب الايطالي بهدفين لريفا (12) واناستازي (31) ليتوج بطلا.
بلجيكا لم تستغل عامل الارض في النسخة الرابعة
استضافت بلجيكا الادوار النهائية، لكنها لم تستغل عامل الارض والجمهور فخسرت امام المانيا الغربية 1-2 في نصف النهائي، في المقابل تغلب الاتحاد السوفياتي على المجر 2-1.
واقيمت المباراة النهائية على ملعب هيسل امام 50 الف متفرج في 18 حزيران، وانتهت بفوز صريح للالمان 3-0 بقيادة “المدفعجي” غيرد مولر الذي سجل هدفين (27 و57) واضاف فيمر الثالث (52).
وضم المنتخب الالماني انذاك القيصر فرانتس بكنباور والحارس العملاق سيب ماير وغونتر نتزر وبول برايتنر.
يوغوسلافيا تسقط في النسخة الخامسة على ارضها
للمرة الثانية على التوالي سقطت الدولة المضيفة للادوار النهائية يوغوسلافيا امام المانيا الغربية 2-4 في نصف النهائي، في حين تغلبت تشيكوسلوفاكيا على هولندا 3-1 في المباراة الثانية من هذا الدور.
وكانت المانيا الغربية تسعى الى ان تصبح اول دولة تحتفظ باللقب، فالتقت تشيكوسلوفاكيا في بلغراد في 20 حزيران امام 33 الف متفرج. وتقدم المنتخب التشيكوسلوفاكي بهدفين نظيفين عبر سفيلهليك (8) ودوبياس 025)، لكن المنتخب الالماني الذي لا يستسلم ابدا نجح في تقليص الفارق اولا عن طريق ديتر مولر (28)، قبل ان يدرك هولتزنباين التعادل قبل نهاية الوقت الاصلي بدقيقة واحدة ليفرض التمديد.
وبقيت النتيجة على حالها فلعب المنتخبان ركلات الترجيح فاسفرت عن فوز تشيكوسلوفاكيا 5-4، بعد ان اهدر اولي هونيس مدير نادي بايرن ميونيخ حاليا ركلته.
الاتحاد الاوروبي يعدل قانون البطولة قبل انطلاق النسخة السادسة
للمرة الاولى، قرر الاتحاد الاوروبي اقامة النهائيات بطريقة التجمع اعتبارا من بطولة عام 1980 التي اقيمت في ايطاليا.
وقسمت المنتخبات الثمانية المشاركة على مجموعتين على ان يتأهل بطل كل مجموعة الى المباراة النهائية.
وتأهلت المانيا الى النهائي عن المجموعة الاولى، وحققت بلجيكا المفاجأة بصعودها عن الثانية متفوقة على الدولة المضيفة.
اقيمت المباراة النهائية على الملعب الاولمبي في 22 حزيران امام 48 الف متفرج، فقاد مهاجم هامبورغ هورست هروبيش (مساعد مدرب المانيا حاليا) الملقب بالغول منتخب بلاده لاحراز اللقب للمرة الثانية في تاريخه بتسجيله هدفا قبل نهاية المباراة بدقيقتين بتسديدة رأسية.
وكان هروبيش افتتح التسجيل اواخر الشوط الاول بتسديدة من خارج المنطقة، قبل ان يدرك فان در ايكن التعادل من ركلة جزاء (71).
فرنسا تحتضن النهائيات السابعة مع تعديل اخر في نظام البطولة
احتضنت فرنسا النهائيات وقسمت المنتخبات على مجموعتين ايضا، بيد ان النظام تغير بحيث صعد الى الدور نصف النهائي صاحبا المركزين الاول والثاني في كل مجموعة.
وكانت المفاجأة خروج المانيا حاملة اللقب من الدور الاول في المجموعة الثانية التي تأهلت عنها اسبانيا والبرتغال، في حين لم تجد فرنسا والدنمارك صعوبة في بلوغ نصف النهائي في الاولى.
والتقت فرنسا والبرتغال في مباراة مشهودة انتهى وقتها الاصلي بالتعادل 1-1، ثم تقدمت البرتغال 2-1، قبل ان تقلب فرنسا النتيجة في مصلحتها بتسجيل هدفين اضافيين لتبلغ النهائي.
وفي المباراة الثانية، احتاجت اسبانيا الى ركلات الترجيح لتتخطى عقبة الدنمارك 5-4.
اقيمت المباراة النهائية على ملعب بارك دي برانس امام 47368 متفرجا في 27 حزيران.
وافتتح نجم المنتخب الفرنسي ميشال بلاتيني التهديف من ركلة حرة مباشرة مرت من تحت الحارس الاسباني الشهير لويس اركونادا، قبل ان يسجل برونو بيلون هدف الاطمئنان عندما كانت المبارة تلفظ انفاسها الاخيرة.
وتوج بلاتيني هدافا للدورة برصيد 9 اهداف في 5 مباريات وهو رقم من الصعب ان يتحطم في المستقبل، كما كان نجمها المطلق.
المانيا الغربية تستضيف نهائيات 1988
اوكلت الى المانيا الغربية مهمة استضافة نهائيات عام 1988، واقيمت بالنظام ذاته للنسخة الاخيرة.
وفرض المنطق نفسه في المجموعة الاولى بتأهل المانيا وايطاليا الى نصف النهائي، في حين سجلت مفاجأة في المجموعة الثانية بعدم تأهل انكلترا وخسارتها مبارياتها الثلاث مع ان النقاد رشحوها للعب دور بارز، وقد تأهل عن هذه المجموعة هولندا والاتحاد السوفياتي.
والتقت المانيا الغربية وهولندا في مباراة قوية نظرا لحساسية بين الدولتين الجارتين، وتقدم المنتخب الالماني بركلة جزاء انبرى لها بنجاح لوثار ماتيوس، ورد الهولنديون التحية من ركلة مماثلة سددها رونالد كومان، قبل ان يوجه ماركو فان باستن ضربته القاضية قبل نهاية المباراة بدقيقتين ليتبخر امل الالمان في بلوغ المباراة النهائية على ارضهم وبين جمهورهم.
في المبارة ثانية، تفوقت خبرة الاتحاد السوفياتي على منتخب ايطاليا من جديد ففاز بهدفين نظيفين.
اقيمت المباراة النهائية على ملعب ميونيخ الاولمبي امام 72300 متفرج في 25 حزيران وانتهت بفوز هولندا 2-0 بقيادة رباعيها الشهير ماركو فان باستن ورود خوليت وفرانك رايكارد ورونالدو كومان.
وسجل خوليت الهدف الاول (33) قبل ان يضيف فان باستن اجمل هدف في تاريخ البطولة (54).
الدنمارك تحقق المعجزة في نهائيات 1992
منحت السويد شرف استضافة نهائيات بطولة عام 1992، وقبل بداية البطولة استبعدت يوغوسلافيا من المشاركة بسبب الحرب الاهلية وحلت مكانها الدنمارك التي جاءت وراءها في المجموعة ذاتها ضمن التصفيات.
وسجلت مفاجأتان في الدور الاول ضمن المجموعة الاولى حيث تأهل منتخبا السويد والدنمارك على حساب فرنسا وانكلترا العريقتين، في حين كان تأهل المانيا وهولندا من المجموعة الثانية منطقيا.
وفي نصف النهائي تخطت المانيا السويد بصعوبة 3-2، في حين احتاجت الدنمارك الى ركلات الترجيح لتخطي عقبة هولندا حاملة اللقب.
ورشح الجميع المنتخب الالماني ليحقق فوزاً سهلاً في المباراة النهائية نظراً لخبرة لاعبيه، لكن الدنمارك بقيادة حارسها العملاق بيتر شمايكل ومهاجمها براين لاودورب (غاب شقيقه ميكايل) قلبا التوقعات رأسا على عقب وحققا انتصارا مدويا بهدفين نظيفين سجلهما جون ينسن (18) وكيم فيلفورت (78) على ملعب اوليفي في غوتبورغ امام 37 الف متفرج.
ارتفاع عدد المنتخبات المشاركة في نهائيات 1996 الى 16 منتخبا
ارتفع عدد المنتخبات في البطولة التي استضافتها انكلترا الى 16 منتخبا وزعت على اربع مجموعات.
وحققت تشيكيا المفاجأة باخراجها ايطاليا من الدور الاول ورافقت المانيا عن المجموعة الثالثة، في حين تأهلت منتخبات انكلترا وهولندا وفرنسا واسبانيا والبرتغال وكرواتيا الى ربع النهائي ايضا.
وتغلبت فرنسا على هولندا بركلات الترجيح 5-4، والمانيا على كرواتيا 2-1، وتشيكيا على البرتغال 1-0، وانكلترا على اسبانيا بركلات الترجيح 5-4.
وتابع منتخب تشيكيا مفاجآته فاخرج المنتخب الفرنسي في نصف النهائي بركلات الترجيح 6-5، وكذلك فعلت المانيا على انكلترا 5-4.
وفي المباراة النهائية على ملعب ويمبلي في لندن وامام 76 الف متفرج، تقدمت تشيكيا بركلة جزاء انبرى لها بنجاح باتريك بيرغر (58)، وادرك الاحتياطي اوليفر بيرهوف التعادل لالمانيا (73)، قبل ان يسجل هو نفسه الهدف الذهبي (94) الذي كان يعمل به للمرة الاولى في بطولة كبرى ليقود فريقه الى احراز اللقب للمرة الثالثة في تاريخه (رقم قياسي).
كأس اوروبا للمرة الاولى على ارض دولتين
اقيمت كأس اوروبا للمرة الاولى في دولتين هما هولندا وجارتها بلجيكا. نجحت فرنسا بقايدة صانع العابها الفذ زين اليدن زيدان في الجمع بين كأس اوروبا وبطولة العالم التي كانت احرزتها للمرة الاولى قبل سنتين على ارضها.
تألق زيدان بشكل لافت في البطولة وقاد منتخب بلاده الى احراز لقبه الثاني في البطولة بعد عام 1984 بقيادة صانع العاب متميز اخر هو ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الاوروبي حاليا. وكان زيدان نجم فريقه في ربع النهائي ضد اسبانيا عندما سجل هدف الفوز من ركلة حرة مباشرة، قبل ان يكرر فعلته في نصف النهائي عندما انبرى بهدوء اعصاب لركلة جزاء في الوقت الاضافي ضد البرتغال في نصف النهائي.
وفي النهائي كانت ايطاليا التي بلغت النهائي القاري للمرة الاولى منذ عام 1968، على بعد ثوان من احراز اللقب عندما تقدمت بهدف حتى الوقت بدل الضائع، وقد وقف جميع افراد الفرقي والجهاز الفني على حافة الملعب استعدادا لدخول الملعب والاحتفال باللقب، لكن سيلفان ويلتورد ادرك التعادل لفرنسا في الموقف الاخير، قبل ان يسجل دافيد تريزغيه الهدف الذهبي في الوقت الاضافي ليقضي على امال الايطاليين.
تجدر الاشارة الى ان المانيا خرجت من الدور الاول بعد خسارتها امام انكلترا وامام البرتغال.
اليونان تسرق اللقب من فم البرتغال
حقق المنتخب اليوناني بقيادة مدربه المخضرم الالماني اوتو ريهاغل اكبر مفاجأة في تاريخ نهائيات كأس الامم الاوروبية عندما قام فريقه الى احراز اللقب القاري وسط صدمة الجميع. وما يزيد من الانجاز اليوناني، ان الفريق الاغريقي تفوق على البرتغال الدولة المضيفة في المباراتين الافتتاحية والنهائية.
وكانت اليونان خسرت اول مباراتين لها في التصفيات قبل ان تفوز في ست متتالية من دون ان يدخل مرماها اي هدف بعد ذلك وتحجز بطاقتها الى النهائيات. نجح ريهاغل في بناء فريق متماسك وصلب من الناحية الدفاعية بقيادة قلب الدفاع ترايانوس ديلاس وفعال في خط الهجوم.
بعد نجاحه في تخطي الدور الاول، ازاح من طريقه عقبة فرنسا في ربع النهائي، قبل ان يتفوق على تشيكيا القوية ونجمها المتألق بافل ندفيد في نصف النهائي بعد التمديد.
وفي النهائي التقى المنتخب اليوناني مجدداً بنظيره البرتغالي صاحب الارض والجمهور. كانت المباراة النهائية فرصة اخيرة امام الجيل الذهبي البرتغالي المؤلف من لويس فيغو وروي كوستا لاحراز لقب كبير لكن اليونان واصلت مفاجآتها وخرجت فائزة بالمباراة بهدف وحيد سجله انجلوس خاريستياس منتصف الشوط الثاني.
اسبانيا تضع حدا لصيامها عن الالقاب
وضعت اسبانيا حدا لصيام عن الالقاب الكبيرة على مدى 44 عاما باحرازها اللقب القاري للمرة الثانية في تاريخها بعد عام 1964 اثر تغلبها على المانيا في المباراة النهائية بهدف سجله فرناندو توريس.
ونجح المنتخب الاسباني اخيرا في تحقيق الامال الموضوعة عليه خلافا لما كان يحصل في البطولات السابقة حيث كان يتألق في التصفيات بشكل لافت لكنه يخبو في النهائيات.
وكان المنتخب الاسباني كاملا في جميع خطوطه بوجود الحارس الشهير ايكر كايسياس وصخرة الدفاع كارليس بويول وجوهرتي خط الوسط تشافي هرنانديز واندريس انييستا بالاضافة الى ثنائي خط الهجوم المرعب توريس ودافيد سيلفا الذي توج هدافا للبطولة برصيد 4 اهداف.
كما كانت الحال في نسخة 2000، نظمت دولتان النهائيات وهما النمسا وجارتها سويسرا.
وتألق المنتخب الهولندي في هذه البطولة بفوزه على ايطاليا 3-. وعلى فرنسا 4-1، لكنه خرج على يد روسيا 1-3 في ربع النهائي. وكان المنتخب التركي مفاجأة البطولة ببلوغه الدور نصف النهائي وخسارته بصعوبة بالغة امام المانيا 2-3.